الغوص في الذاكرة

أدبية ، ثقافية، علمية، ملخصات كتب وروايات، أفضل ما قرأت من الكتب والروايات.

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

إعجام: رواية سنان أنطون

 

سنان أنطون:

سنان أنطوان روائي وأكاديمي من العراق حصل على بكالوريوس في الأدب الإنكليزي من جامعة بغداد. هاجر بعد حرب الخليج 1991 إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أكمل دراسته وحصل على الماجستير من جامعة جورج تاون  عام 1995 والدكتوراه في الأدب العربي من جامعة هارفاد بامتياز عام 2006. نشر روايته الأولى إعجام عام 2003 وروايته الثانية وحدها شجرة الرمان عام 2010 والثالثة يا مريم عام 2012 وله مجموعتين شعريتان. كما ترجمت أعماله  إلى العديد من اللغات.

 

إعجام: رواية سنان أنطون

الرواية:

الطالب المسيحي في جامعة بغداد ينتظر أريج كما في كل صباح، ولكن صباح اليوم سبقها ضابط الأمن أبو عمر في قسم اللغة الإنكليزية، والذي كان الطالب بطل الرواية من طلابه، برفقة الرفيق صلاح بلباسهم المميز، وهو بدلة السفاري الزرقاء، والذي يصف لهجتهم بقربها من التكريتية. يدلل الكاتب على الأجواء المخابراتية والقبضة الأمنية التي يعيشها الناس في ظل الأنظمة الشمولية، إلى درجة أن الأشخاص المنضوين تحت عباءة هذه الأنظمة تجدهم يتحدثون بلهجة القائد، أو رئيس الدولة، وهذا يماثله في سوريا، حيث نفس العقلية البعثية مهما اختلفت المسميات، اليميني، أو اليساري، ونفس طريقة الحكم، والقبضة الأمنية، والتحدث بلسان الرئيس أي بلهجته، والتي يعتقد هؤلاء أنها توحي بالقوة والسلطة وتبعث الخوف في نفوس الآخرين.

 

السجن:

يغيب الطالب في السجن بسبب كتاباته الساخرة على أن الاستدعاء لا يستغرق أكثر من نصف ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة كما يدعون دائماً ولكن المدة لا تكون معلومة حيث يضيع الزمن في ظلمات السجن وعذاباته كما في كل سجون الطغاة. يغيب المسجون عن الوعي ليستذكر أوقات صحبته لجدته بعد أن قضى والديه بحادث سيارة، وساعات جميلة أمضاها مع حبيبته التي تعرف عليها في الجامعة بسبب كتاباته في إحدى المجلات.

 

أجواء الحرب:

كانت الحرب العراقية الإيرانية تهيمن على الحياة العامة في العراق فوسائل الإعلام تشحذ الهمم، وكلمات القائد وصوره تملأ اللوحات والجدران في المباني الرسمية والساحات، و الحديث لا يمل ولا يكل عن الذود عن تراب الوطن بكل غال ونفيس، المال، والأرواح.. تبرعوا ..

 

اقتباس:

"يا جماهير شعبنا العظيم: لقد رويتم تراب الوطن بدمائكم الزكية وأنتم تسطرون أروع الملاحم في معركتنا الخالدة ضد العدو الحاقد. لم تبخلوا أبداً بالنفس ولا بالنفيس. وتسارعت الماجدات يتبرعن بالذهب لدعم اقتصادنا في ساعات العوز.. وها هو الوطن الحبيب يهيب بكم أن تظهروا للأعداء والخونة بطولتكم الأسطورية وتفانيكم اللامحدود و.."

 

اقتباس:

"في آذار طلب من الأستاذ المشرف على مادة طرق البحث أن نفكر بموضوع ما، وان نبدأ بالبحث عن المصادر المتوفرة ونجتمع معه لإقرار الموضوع ومناقشته قبل الشروع بكتابة البحث.

كنت قد قرأت ( مزرعة الحيوانات ) قبل شهرين، بالإضافة إلى مقالة عن ( 1984 ) وجدتها في كتاب استعرته من مكتبة القسم. كنت أنوي قراءة الرواية، وخطر لي أن أكتب بحثي عن العلاقة بين السلطة واللغة فيها. اعترضت أريج وقالت إن الموضوع حساس وبأنها خطوة مجنونة قد تؤدي إلى مشاكل، ولن تثبت أو تحقق شيئاً. لكني كنت مصراً وعنيداً. ذهبت إلى مكتبة القسم واستخرجت اسم الكتاب ورمزه وموقعه وأخذت قصاصة الورق إلى أم سعد، أمينة المكتبة، التي كانت تعرفني جيداً. نظرت إلى القصاصة وذهبت إلى الرفوف في الخلف، ثم عادت بعد دقيقتين وقالت بلطف: ما أكدر أطلعلك هذا الكتاب عيني.. ممنوع"

 

رواية أورويل:

كانت رواية جورج أورويل 1984 والتي كتبت في تاريخ سابق عن العام 1984  تتحدث عن مثل هذه الأنظمة الشمولية التي تسبح بحمد القائد والحزب فيعيش الإنسان فيها وكأنه روبوت لا يخرج عن القوالب والأفكار التي وضع فيها والتي يجب أن تكون حقائق بالنسبة له لا لبس فيها، وتكون النتيجة أن الإنسان يتوقف همه عن كل شيء سوى الحصول على لقمة عيشه وسرقة شهواته.


اقتباس:

"فمشينا سوية وتبادلنا الحديث عن الدراسة وعن الأدب. قلت إنك تحبين الشعر، قديمه وحديثه. وسألتني عما يعجبني فقلت لك إني أحب الكثير، لكن ما خطر ببالي ساعتها كان المعلقات وأبو نواس والسياب وأدونيس ومحمود درويش والجواهري ومظفر. رفعت حاجبيك عندما ذكرت آخر اثنين."

ويعني أن الجواهري كان معارضاً خارج العراق منذ العام  1980  حيث عاش فترة في سوريا، فمع أن على خلاف مع السلطة العراقية كان على صلة مع النظام السوري الذي لا يختلف عن النظام العراقي ، وقد مدح حافظ اسد بقصيدة: سلاماً أيها الأسد .. سلمت وتسلم البلد .. وتسلم أمة فخرت.. بأنك خير من تلد. وربما الاختلاف الوحيد أن النظام العراقي محسوب على السنة وأما السوري فمحسوب على الشيعة كونه نصيري متقارب مع إيران العدو اللدود للعراق.

 

الحوار:

كتب سنان أنطون حوارات روايته باللهجة العامية العراقية مما يجعلها تحاكي الواقع العراقي، وتفوح منها الأصالة الشعبية. لكن هذه اللهجة الجميلة قد لا تكون مفهومة لدى كل الناطقين بالعربية وخاصة بكتابتها الحرفية دون تعديل. وقد حاول استخدام الأحرف العربية والحركات للمقارب في إظهار الصوت الذي ليس له مقابل بالحروف العربية كما في اللفظ القريب من  ch  الإنكليزية. كما أورد بعض الأمثال الشعبية بحرفيتها مثل " طيزين بفد لباس " معبراً عن أن الحكومات والإنكليز كانوا متفقين مع بعضهم وكأنهم شخصين يلبسان لباس واحد.

كان يستخدم بعض الكلمات المحرفة والقريبة من بعضها البعض كأن يقول السخافة ويقصد الثقافة والقاعد ويقصد القائد..

 

اقتباس:

-       "تريد شاي؟

-       لا .. شكراً.

-       شتريد لعد؟

-       هواية!

-       شنو مثلاً؟

-       لا أريد أبوسج!

ابتسمتِ أنتِ وقربتِ وجهك مني بعض الشيء. كانت ابتسامة النعناع في عينيك تشجعني على المضي. وضعت سبابتي على خدك الأيسر وطبعت قبلة خفيفة على فمك. ثم أردفتها بأخرى أطول وأنا أطوقك بذراعي."

ويفصّل كثيراً في هذا اللقاء الحميمي الذي لا ضرورة للتفصيل فيه إلى أن يصل إلى القول: "واصلت الهبوط نحو الدلتا، لكنك أمسكت بيدي ورفعتني إليكِ" ثم يغرق في الوصف ثانية حتى يصل إلى القول: " التحمنا في إيقاع تسارعت وتيرته حتى امتزجت براكيننا وعرقنا." ولا أجد في هذا إلا أنه تأثر بالوسط الأمريكي الذي يعيش فيه.

 


النهاية:

تنتهي الرواية بحلم أو بأمل الانقلاب على الطاغية واستلام الحكم من قبل جماعة اسمها العراق الحر. كان يأمل أن يصبح العراق حراً كريماً، يعيش الناس فيه بلا خوف ولا قلق، ودون تطبيل للقائد الفذ الملهم الذي لم يولد إلا مرة واحدة عبر التاريخ.


عن الكاتب

mkm

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

الإرشيف

Translate

جميع الحقوق محفوظة

الغوص في الذاكرة