الغوص في الذاكرة

أدبية ، ثقافية، علمية، ملخصات كتب وروايات، أفضل ما قرأت من الكتب والروايات.

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

المثقفون المزيفون

 

النصر الإعلامي لخبراء الكذب

باسكال بونيفاس

المقدمة:

يقول الكاتب الفرنسي باسكال في مقدمة كتابه:

شغلتني فكرة هذا الكتاب منذ وقت طويل. كم من مرة دهشت وانتابني شعور بالغضب أو الضيق عندما كنت أكتشف أثناء جدال عام أن خبيراً نطق بكذبة، وأن هذه الكذبة قد مرت مرور رسالة في البريد. لا أتكلم عن خطأ، بل عن كذب متعمد يتحمل مؤلفه مسؤوليته. في هذه الحالة فإن الخبير المدعو لإيضاح الأمور للجمهور، يخون هذا الجمهور ولا يقوم بمهمته.

 


الخشية من ارتكاب خطأ:

أنا الذي طالما خشيت من ألا أكون واضحاً أو دقيقاً بما فيه الكفاية، أو من ارتكاب خطأ والذي طالما عاقبت نفسي إذا حدث لي ذلك، يذهلني كل أولئك المثقفين والخبراء الذين لا يتورعون عن اللجوء إلى حجج مخادعة، وعن إطلاق الأكاذيب من أجل حصد التأييد. تبدو وقاحتهم وانعدام ذمتهم بلا حد، وتشكل ورقة رابحة. وبدلاً من مقابلتهم بالاستهجان العام يقابلون بمزيد من التهليل. انعدام الضمير ليس أمراً بلا مزايا ويبدو خالياً من المخاطرة. الكذب الحقيقي يسير على أحسن ما يرام. مرة أخرى لا أتكلم عن أخطاء يمكن لأي كان أن يرتكبها. غير أن البعض يراكمها دون أن يؤثر ذلك بالهالة التي تحيط بهم. الرياضي الذي يسجل أداء سيئاً مرة تلو مرة قد يستبعد من التصفيات، أما المثقف الخبير فقد ينتقل من خطأ إلى آخر دون أن تتوقف دعوته إلى المنصات. لا هبوط عل الأرض مجدداً بعد أن يتم وضعك في فلك وسائل الإعلام.


المزيفون:

الخطر من أولئك الذين ينخدعون، هم أولئك الذين يُخدعون:

(المزيفون) ولكي يتمكنوا على نخو أفضل من إقناع المشاهدين أو المستمعين أو القراء يلجؤون إلى حجج هم أنفسهم لا يصدقونها. قد يؤمنون بقضية لكنهم يعمدون إلى وسائل غير شريفة للدفاع عنها. إنهم إذن مزيفون يصنعون عملة ثقافية مزورة من أجل ضمان انتصارهم في سوق المعتقدات الراسخة.

 

المرتزقة:

هناك من هم أسوأ: ( المرتزقة) هؤلاء لا يؤمنون بشيء سوى أنفسهم. ينتسبون أو يتظاهرون بالانتساب إلى قضايا ليس لقناعتهم بصحتها بل لأنها في تقديرهم واعدة ولها مردود هام وتسير في اتجاه الرياح السائدة.

ومن شدة تكرار الحجج نفسها قد ينتهي الأمر بالمرتزقة إلى إقناع أنفسهم بصحة التزامهم. الفاصل بين المزيفون والمرتزقة ليس حاداً فجميعهم يدركون في كل الأحوال مخالفتهم للأمانة الفكرية وجميعهم لا يعبؤون بها لسببين:

الأول: بالنسبة لهم هو أن الغاية تبرر الوسيلة. ويرون بأن الجمهور العريض ليس ناضجاً بما يكفي لكي يتحسب للطوارئ وأنه من المناسب توجيهه ولو بوسائل لا تنطبق عليها كثيراً معايير الأمانة.

الثاني: هو أنه انطلاقاً من دفاعهم عن الطروحات السائدة لن تتعرض وسائلهم الملامة قط للعقاب. لماذا يربكون أنفسهم بالتدقيق والتمحيص؟ يحتاج قول الحقيقة إلى مجهود إضافي للإثبات. بينما الكذب لا يحتاج كما أنه لم يعد سبباً لفقدان الأهلية. ومن الحماقة عدم الاستفادة من ذلك.

 

لا مؤامرة:

يجب ألا يقود ذلك إلى الاعتقاد بوجود نوع من مؤامرة، وبأن مالكي رؤوس الأموال ينسقون فيما بينهم لكي يدفعوا إلى المقدمة بأنذال وأصحاب يحمون مصالحهم. الزعم بفساد كل شيء أمر غير وارد. لا توجد منظمة سرية تناور في الخفاء لترقية مثقفين لصالحها مقابل أجر، من أجل إبقاء الجمهور جاهلاً ومسيطراً عليه. مع ذلك فإن دحض فرضية المؤامرة لا يلغي سؤالاً أساسياً: لماذا لا يُفضح المزيفون بل على العكس يحظون بمعاملة تفضيلية مقارنة بأولئك الذين هم من التشدد في طلب الدقة بحيث لا يجرؤون على التخلي عن قواعد النزاهة الفكرية؟ كيف نفسر هذا الإفلات من العقاب؟

 

معيار النزاهة الفكرية

لم تعد فضيلة الشرف والكرامة تقابل بالاحترام وهي التي كانت دوماً توضع في مقدمة الفضائل. ومنذ زمن بعيد لم تعد السخافة تقتل بل تبدو في بعض الحالات مثل نبع شباب دائم. لم تعد النزاهة الفكرية معياراً يحكم عرض الأمور في وسائل الإعلام. تتلاشى الكلمات ومعها الكتابات. تعطى الأولية غالباً لذاك الذي يفرض كلامه بطريقة قطعية والذي لا يربك نفسه بحيثيات الحقيقة، وإن كان الجميع يتذكرون ما اقترفه من تناقضات وعمليات إغفال وأكاذيب.

رغم أن الإنترنت تسمح بسهولة أكبر من السابق بالعثور على تصريحات سابقة وهذا اساساً هو سبب عداء غالبية المزيفين لهذه الوسيلة الإعلامية التي يسيطرون عليها. نادراً ما يتم البحث.

فهو يتطلب وقتاً ويؤدي إلى احتمال استعداء أشخاص في مراكز قوة. ولن يتمكن الشخص الذي يفضح أكاذيب مثقفي وسائل الإعلام، من الوصول دوماً إلى وسائل الإعلام، نظراً لأن هذه الأخيرة لا تريد أن تنتقد نفسها بنفسها.


يضيف الكاتب:

ترددت طويلاً في تحرير هذا الكتاب في الواقع لقد انتظرت طويلاً أن يقوم غيري بهذه المهمة. ألم أكن بوصفي عضواً في الوسط الثقافي حكماً وطرفاً معاً، في هذه القضية؟ لن يتردد البعض في اتهامي بالرغبة بتصفية الحسابات. إنهم مخطئون.

الهدف من وجود كتب عديدة تتعرض لهذه الشخصية أو تلك هو عموماً فضح مواقفها. وليست هذه نيتي. الجدال حر، ولكل شخص الحق بالتعبير عن قناعاته ودحض القناعات الأخرى. المشكلة بالنسبة لي هي الوسيلة. ما لا يجب التسامح معه في نظري هو المكان المركزي الذي يشغله الكذب في الجدال العام. ركزت حديثي على القضايا الدولية والاستراتيجية، فالمزيفون ليسوا حكراً على الحقل الفكري، لكنه الحقل الذي أعرفه وأستطيع بالتالي كشفهم فيه.

 

 

حرب العراق مثالاً:

قد يعتقد البعض مثلاً أن حرب العراق كانت مبررة، لأنها ساعدت على الإطاحة بديكتاتور. لا أؤيد شخصياً وجهة النظر هذه وأنا أرى أن هذه الحرب تفاقم المشاكل بدلاً من حلها. الديمقراطية لا تصدر بالحرب.

هذه مسألة هامة وكل إنسان حر في رأيه. بالمقابل لا يسهم التأكيد الذي ساقه البعض بأنه كانت هناك أسلحة دمار شامل في العراق، وبأن من المبرر بالتالي شن حرب للتخلص منها، عندما لم يكن ذلك صحيحاً، لا يسهم في جدل الأفكار. هذا تلاعب بالرأي العام، وتضليل إعلامي.

عندما تكذب النخب على هذا النحو، علينا ألا نستغرب إعراض الجمهور عنها. والواقع أن القطيعة بين المواطنين الفرنسيين وبين النخب تكبر بازدياد. المزيفون يمهدون الطريق للديماغوجيين وهذا خطر على الديمقراطية.

أعرف أن مواقفي من قضايا عدة تغيظ أولئك الذين لا يشاركونني تلك المواقف. لكنهم سيجدون صعوبة في اتهامي بعدم الصدق. وبالضبط لأنني أقول وأكتب ما أفكر به لا ما أظنه في صالحي فقد أغلقت في وجهي بعض الأبواب. لو أنني أردت اتباع مصالحي فقد أغلقت في وجهي بعض الأبواب. لو أنني أردت اتباع مصالحي لغيرت خطابي في نقاط عدة، ولتجنبت حتى أن يكون لي خطاب في بعض الأحيان. لكن الشهادات العديدة من أشخاص لا أعرفهم والتي يشكرونني فيها على صدقي هي أجمل مكافآتي.


يقسم الكتاب إلى فصلين:

في الفصل الأول:

 يتحدث الكاتب حول انعدام النزاهة الفكرية على وجه العموم ويحمل المسؤولية لوسائل الإعلام الموجهة لصالح ذوي النفوذ وتوجهاتهم، كأن يتحدثون دائماً في صالح إسرائيل والخوف من الإسلام والمسلمين بشكل عام وعدم اندماجهم في المجتمعات الأوربية إلا من كان (مسلماً علمانياً ) كما يصنف نفسه البعض فتفتح له وسائل الإعلام كونه يعادي حماس والإخوان المسلمين مثلاً ويتكلم لصالح إسرائيل. ويقول الكاتب أن الإعلام يصنع خبراء في الكذب.


في الفصل الثاني:

 يتحدث عن نماذج من المزيفين بالاسم ويذكر شيئاً من أفكارهم وشطحاتهم وقبولهم لدى وسائل الإعلام تلك والتضييق على من يخالفهم بالراي كمن يقف مع الفلسطينيين في حقهم بالدفاع عن أنفسهم وأرضهم.

مثل: الكسندر آدلر ، فرانسوا هزبورغ ، فيليب فال ، كارولين فوريست الكاذبة بالتسلسل ، محمد سيفاوي المهاجم العنيف الضروري للإسلام ، تيريز دلبش ، برنار هنري ليفي زعيم المزيفين.


ملاحظة: تم رفض نشر الكتاب من قبل أربع عشرة دار نشر من كبريات دور النشر الفرنسية.

 

عن الكاتب

mkm

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

الإرشيف

Translate

جميع الحقوق محفوظة

الغوص في الذاكرة