الكاتب: مصطفى المفتي
دار النشر: دار الرموز العربية للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: ٢٧١
الحرب التي اجتاحت البلاد كعاصفة اقتلعت أبناءها كما تقتلع الرياح الأشجار، لكن جذورهم تبقى متشبثة بالأرض عصية عن الاقتلاع.
هامت بهم السبل في أنحاء العالم وبانت آثارها عليهم فلم ينج منها مؤيد أو معارض فالكل في كفة الميزان سواء.
عرب 2011 اسم أطلقه بطل الرواية يزن على مدونة قام بإنشائها مع أحد أصدقائه ليوثق فيها حقائق أبى أن تمحى من الذاكرة السورية، تحدث فيها عن المجازر التي حدثت في دير الزور في حي الجورة والقصور ومجزرة نهر قويق في حلب، كما ذكر فيها معاناة أحد المعتقلين على لسان أخته منال الرفاعي، كما تحدث عن الوضع الذي آلت إليه دمشق وأسماها مدينة الطوابير كما كتب عن اغتيال الحقيقة المتمثلة باغتيال الصحفية الشابة حلا وبركات ووالدتها الناشطة عروبة بركات.
الأحداث:
تدور أحداث الرواية في دول الجوار بين مجموعة من أبطالها كل يتحدث بلسان حاله يصف لنا الظروف التي مرت به والحالة النفسية التي احتلت جوارحهم والصراع حول البقاء والاستمرار والمحاولة في التخلص من القيود التي كبلوا بها حتى بعد هجرتهم، قصة يزن والطفلة قمر التي كان أبًا لها في غربته بعدما تركتها سارة له أمانة قبل موتها وقد ذكر تفاصيل القصة في روايته الأولى قمر، لم يتمكن من الإبقاء على حضانتها معه بسبب وصول أقربائها إليه عن طريق خيوط كانت تمسك بها باقي الشخصيات كلّ يعيش حياته البعيدة عن الآخر ولكنها في النهاية كفروع نهر جار تصب في بحر واحد.
تحدث الكاتب عن معاناة الشباب السوري في طريق الهجرة إلى أوروبا على لسان البطل وائل ووصوله أخيرًا بعد محاولته الثامنة ويروي لنا كيف يكون الموت رفيقًا لهم في كل خطوة والناجي من تكتب له حياة جديدة والحب الذي كان يأمل وائل أن يكون بانتظاره كان حلمًا قد تلاشى.
البطل:
أما بطلها ياسين الذي وقع أسيرًا في براثن النظام حيث أجبره على العمل كمخبر على أبناء بلده في دول الجوار، ومن خلال هذه المهمة اكتشف وجه النظام الحقيقي واكتشف بأن دراسته للعلوم السياسية لم تصيره سوى مخبرًا وضيعًا.
رسم المعاناة:
أبدع الكاتب في رسم الصورة الحقيقية لمعاناة أبناء سورية وجاءت طريقة السرد على لسان الأبطال لتجعلنا نقرأ ما في نفس كل منهم ونشاطرهم حياتهم التي لا تختلف كثيرًا عن حياة أغلب السوريين الذي بقوا ومازالوا سوريين جدًا كما ذكر الكاتب في الرواية.
لم يغفل الكاتب عن خوف من يستل القلم ويجعل منه سلاحًا من بطش النظام كما في رسالة الغلاف فقد نضطر أحياناً إلى تحريف بعض الحقائق ليس حبًا بالوطن بل خشية من بطشه كما قال( يقولون اكتب ما تشاء لا سلطة عليك اليوم ولكن سنكسر يدك.)
اقتباسات من الرواية:
- أنا عاشق يا حرب ألا تخجلين أن يكون أحد ضحاياك عاشق؟
ألا تخجلين وقد هتك الموت مشاعري وبين دفتي رحى رماني؟
- مسكين أنت يا وطني، يهاجمك الموت من كل جانب، وأي حقيبة باتت تتسع لأحزانك؟
- الموت موجع جدًا، قاس لا يحتمل، الموت حتميًا علينا جميعًا، جميعنا يعلم أنه سيموت، ونقول في كل مرة نبكي أمواتنا: ليتها آخر الأحزان، ولا تنتهي الأحزان.
- أن تضعك الدنيا بين خيارين فهو أمر كثير الحدوث، ستختار الأنسب وإن كان صعبًا، لكنها وضعتني بين طريقين للموت وكان علي أن أختار بأي طريقة سأموت.
كل التوفيق للكاتب المبدع مصطفى المفتي وبانتظار أعماله القادمة..