أول الآتين من الخلف

 

أول الآتين من الخلف كتاب الدكتور بهاء الأمير

وخلافاً لبعض المؤرخين الذين تم وصفهم بالأميين يطرح الكتاب معلومات هامة:

ما علاقة نابليون باليهود؟ وما الذي قدمه لمصر؟ وما الأسلوب الذي اتبعه ليصل إلى غاياته؟ وهل الصدفة من أوصلت بعض الأشخاص إلى السلطة كمحمد علي ومصطفى كمال وعبدالفتاح السيسي وغيرهم وما علاقة اليهود ايضاً؟

مقتطفات من الكتاب:

غايـة حملـة الماسـون علـى مصـر، كمـا نـص نـابليون نفسـه، تغييـر تكوينهـا وتقاليـدها وشـق مسـار آخـر لهـا، يقطـع صـلتها بمسـارها العربـي الإسـلامي، ويصـلها بمسـار فرنسـا والغـرب الـذي صـنعه اليهـود والماسـون، عبـر إزاحـة أهـل الحـل والعقـد وتحـويلهم إلـى مـوظفين، وصـناعة نخـب جديـدة لهـا لا علاقـة لهـا بعقائـدها وتاريخهـا، وتعبئـة أذهانهـا ونفوسـها طبقـاً للمواصـفات اليهوديـة الماسـونية، لكـي تخبـو فيهـا مسـألة الألوهيـة، ويـذوب المعيـار والميـزان، يو حـل الغـرب ومـا ينتجـه اليهــود والماســون فيــه مــن أحــدث خطــوط الموضــة فــي السياســات والمنــاهج والقــيم والعلاقــات

والأخـلاق والأزيـاء، محــل المعيـار والميـزان، فتســير هـذه النخـب المــزورة طواعيـة خلـف الغــرب الماسوني، وترى الوجود وتفهم الحيـاة وتعيشـها مثلـه، وتكـون هـي أداة تحقيـق مـا يريـده هـو، ومـا يريــده هــو تغييــر بلالــيص ســتان كلهــا وتفكيكهــا ونسف معاييرها وموازينها وإفقادهــا الاتجــاه والبوصلة، من أجل استكمال المسار الذي تم شقه حتى يصل إلى تمامه وتمام دولـة اليهـود والهيكل.

 

استراتيجية نابليون:

فرسالة نابليون واستراتيجيته، كما ترى، هي نواة تحوي جميع العناصر والمكونات التـي يـدور تاريخ بلاليص ستان حولها، وكل ما شهده هذا التاريخ من أحداث وأشـخاص لـيس سـوى وسـائل ترجمة هذه العناصر والمكونات في الحياة والواقع، وإعادة صناعتها بها، وضخها في أنسجتها ورؤوس أهلها، إذابـة أهـل الحـل والعقـد والطبقـة القوامـة علـى المعيـار والميـزان، ُ وأن يسـتبدل بهـم الموظفون الدواجن في حظيرة السـلطة، ومـن علـى رأس السـلطة دواجـن فـي حظيـرة الغـرب، وهـو الــذي يصــنعهم ويمكنهم منها نهم منهــا ويمــدهم بمــا يجعلهــا حكــراًعلــيهم، وإزاحــة الــوحي واذابــة معيــاره

وميزانه بصناعة المشخصاتية والمغنواتية والجورنالجية والأدباتيـة، وتصـعيد الأقليـات فـي غـلاف المواطنة والمساواة وتوظيفهم في صناعة المسار الماسوني.

 

فالآن تأمل بلاليص ستان من محيطها الهائم إلى خليجها السائم وقد تمزقت وانقطع ما بين مزقها، وصـارت كلهـا عبيـداً عنـد الغـرب، والسـلطة فيهـا لا قـرار لهـا إلا بـه، ولا تخطـو خطـوة إلا بإذنه، ونخبها تدور حوله وتستلهمه فـي كـل شـيء، ودولـة اليهـود فـي قلبهـا وتتأهـب للتمـدد علـى حسابها، وسوف تدرك أن حملة نابليون والماسون علـى مصـر التـي يقـول لـك البقـر إنهـا فشـلت، قد نجحت نجاحاً لا نظير له، وحققت جميع غاياتها، وبلاليص سـتان كلهـا والمسـار الـذي تسـير فيـه وكـل مـا يحـدث فيهـا أمامـك مـن نتاجهـا، والـذي فشـل هـو اللفافـة التـي لفوهـا فيهـا، والغـلاف الذي موهوا فيه هذه الغايات وصدروه لهؤلاء البقر.

 

 إدخال الماسونية إلى مصر:

وإدخــال الماســونية إلــى مصــر لــم يكــن ســوى أحــد وســائل شــق مســارها اليهــودي الماســوني، وكليبر خليفة نابليون على حملة الماسون وفي شق المسار اليهودي الماسوني لمصر، هو نفسه من الماسون، وهـو الرجـل الـذي بـه ومـن عنـده يبـدأ تـاريخ مصـر الماسـوني الرسـمي، فكليبـر هـو مؤسس أول محفل ماسوني في مصر، وأول أستاذ أعظم في تاريخها.

 

ويقــول الماســوني مــن الدرجــة الثالثــة والثلاثــين، ومؤســس محفــل الهــلال وأســتاذه الأعظــم، ومؤسس دار الهلال المصرية ومجلتها، جورجي زيدان، في كتابه: تـاريخ الماسـونية العـام، الـذي أصــدره ســنة ١٨٨٩م، وهــو أول كتــاب عربــي عــن الماســونية، والمصــدر العربــي الوحيــد لنشــأة الماسونية في مصر، يقول زيدان:

"أمــا الماســونية الرمزيــة فلــم تظهــر فـــي مصــر قبــل ســنة ١٧٩٨م، أي أثنــاء الحملـــة الفرنسـاوية، وتفصـيل ذلـك أن نـابليون بونـابرت لمـا جـاء الـديار المصـرية وافتتحهـا كـان فـي معيته نخبة من رجال فرنسا، وفيهم الجنرال كلابر/كليبر المشهور، فلمـا وصـلوا القـاهرة اتفـق بونابرت والجنرال كلابر وعدة من الضباط، وكانوا من الإخوة الماسونيين، على تأسيس محفـل يجتمعون إليه، فأسسوه في أغسطس من تلك السنة في القاهرة، ودعوه محفـل إيـزيس، وهـو يشـتغل علـى طريقـة دعاهـا نـابليون طريقـة ممفـيس، ولعلهـم قصـدوا بـذلك مقصـداً سياسـياً، لأنهـم أدخلـوا فيـه كثيـراً ُ مـن عمـد الـبلاد ورجالهـا ... وممـا يليـق ذكـره أن احـد اعضـاء هـذا المحفل من الوطنيين، ويدعى صموئيل حنس لمـا انفصـمت عـرى محفـل إيـزيس مـا زال ميـالاً إلى نشر المبادئ الماسونية مغرماً بها، ففي سنة ١٨١٤م سافر إلى فرنسا، وأنشأ في مونت أمبو محفلاً على الطريقـة الممفيسـية، فـي  ١٣أفريـل سـنة ١٨١٥م، بمسـاعدة الأخ جبرائيـل متى مركـونيس، والبـارون دومـاس، والمـاركيس دي لاروك، وهيبوليـت لابرونيـه، دعـوه محفـل تلامذة ممفيس، وقد تفرع من هذا المحفل في فرنسا محافـل أخـرى كثيـرة تعمـل علـى الطريقـة الممفيسية".

 

  وحملة نابليون والماسون في فرنسا، والماسونية التي جلبتها لمصر، كانت الخطوة الأولى في شـق المسـار اليهـودي الماسـوني لمصـر، وبدايـة تفكيـك الشـرق كلـه العلمانيـة والعقيـدة القوميـة والرابطـة الوطنيـة، رابطـة بنـي إسـرائيل وعقيـدة التـوراة وميزانهـا، وتحويلـه إلـى محضـن للمشـروع اليهودي ورحم لدولة اليهود، وأول الآتين من الخلف ودولته كان الخطوة الثانية.

 
إلى ماذا يهدف اليهود؟

فـاليهود والحركـات السـرية، فـي كـل الأمـم وعبـر التـاريخ ،كلـه تكـافح، لـيس مـن أجـل صـناعة الأحــداث بنفســها، بــل مــن أجــل صــناعة مــن يصــنعون الأحــداث واســتيطان وعــيهم ونفوســهم وأذهانهم، لكي يكونوا ركائب يكمنون في رؤوسه ويصلون على ظهورها إلى ما يريدون.

 

ففـي سـيرة جميـع الآتـين مـن الخلـف، سـتجد كتـب التـاريخ فـي بلالـيص سـتان ومـن يكتبـون سيرتهم مـن الأميـين، يحـدثونك عـن آبـاء الآتـين مـن الخلـف وأقـاربهم مـن جهـة الأب، ولكنـك لـن تجد إجابة عن السؤال: من تكون أم الآتي من الخلف، وأين نشأت أو من أين أتت، ومن يكون أبوهــا وجــده، ومــن هــم إخوتهــا وأخوالــه، أو ســتجد معلومــات ملفقــة ومبتــورة، لكــي لا يكــون فــي مقدور أحد أن يتتبعها ويصل إلى الأصول الحقيقية للآتي من الخلف من جهة أمه.

-2-