الغوص في الذاكرة

أدبية ، ثقافية، علمية، ملخصات كتب وروايات، أفضل ما قرأت من الكتب والروايات.

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

فلسطين: وخيانة بريطانيا والأمم المتحدة

 

المسؤولية البريطانية في فلسطين:

لا شك أن الاحتلال البريطاني في فلسطين كان يعلم بكل خطط الصهاينة واليهود لفلسطين والفلسطينيين فهي دولة احتلال وتعد على الناس انفاسهم وتلاحق الرافضين للاحتلال علاوة على من حمل السلاح ضدها،

ومن اللافت أنه قبيل انهاء الاحتلال قصروا نشاطهم على حماية قواتهم، ما يعني أن حيفا ويافا والمنطقة الساحلية الواقعة بينهما باتت مساحة مكشوفة تستطيع القيادة الصهيونية أن تطبق فيها الخطة دال من دون خوف من ان يحبطها الجيش البريطاني، أو حتى من مواجهة معه.


فلسطين


والأسوأ من ذلك أن اختفاء البريطانيين من الريف والمدن معناه انهيار القانون والنظام العام كلياً في أنحاء فلسطين، قلق الناس من ازدياد جرائم كالسرقة والسطو على المنازل في المراكز الحضرية، والنهب في أرجاء القرى كافة. كما أن انسحاب رجال الشرطة البريطانية من المدن والبلدات كان يعني أيضاً على سبيل المثال أن كثيراً من الفلسطينيين لم يعودوا قادرين على قبض رواتبهم في البلديات المحلية لأن مكاتب الخدمات الحكومية كانت في معظمها موجودة في الأحياء اليهودية حيث يمكن أن يتعرضوا للاعتداء.

وبالتالي لا عجب في أن الفلسطينيين يقولون دائماً بمرارة أن المسؤولية الرئيسية في نكبتنا تقع على الانتداب البريطاني. وفي الحقيقة أن البريطانيين امتنعوا عن القيام بأي تدخل جدي منذ تشرين الأول عام 1947 ولم يحركوا ساكناً في وجه محاولات القوات اليهودية السيطرة على المخافر الأمامية.

 وساهم البريطانيون احياناً بطرق أخرى مباشرة أكثر في التطهير العرقي بتزويدهم القيادة اليهودية بصكوك الملكية ومعطيات حيوية أخرى، كانوا استخرجوا نسخاً فوتوغرافية عنها قبل اتلافها، على جري عادتهم عندما كانوا ينهون استعمارهم لبلد ما.

 وأضافت هذه البيانات المفصلة إلى ملفات القرى ما كان الصهاينة بحاجة إليه لتنفيذ الطرد الجماعي واسع النطاق. إن القوة العسكرية الوحشية في هذه الحالة هي المتطلب الأول للطرد والاحتلال، غير أن البيروقراطية لا تقل أهمية عنها من اجل التنفيذ الفعال لعملية تظهير ضخمة لا سلب الناس فحسب، بل إعادة ترتيب ملكية الغنائم ايضاً.


خيانة الأمم المتحدة:

بموجب قرار التقسيم كان ينبغي على الأمم المتحدة ان تكون حاضرة على الأرض لتشرف على خطتها للسلام، أي جعل فلسطين بكاملها بلداً مستقلاً، يشتمل على دولتين متميزتين تجمعهما وحدة اقتصادية. وقد تضمن القرار الصادر في 29 تشرين الثاني عام 1947 أموراً إلزامية واضحة جداً، منها التعهد بأن تمنع الأمم المتحدة اية محاولة من أي الطرفين لمصادرة أراض تعود ملكيتها إلى مواطني الدولة الأخرى، أو أية مجموعة قومية أخرى، سواء كانت أراضي مزروعة أو فير مزروعة..

وإنصافاً لممثلي الأمم المتحدة المحليين يمكن القول إنهم على الأقل شعروا بأن الأمور تتجه من السيء إلى الأسوأ، فحاولوا الدفع في اتجاه إعادة تقويم سياسة التقسيم، لكنهم عملياً لم يقوموا بأكثر من المراقبة وإرسال التقارير عن بدء التطهير العرقي. وكان وجود الأمم المتحدة في فلسطين محدوداً لأن السلطات البريطانية منعت وجود فريق منظم من الأمم المتحدة على الأرض، متجاهلة بذلك الجزء من قرار التقسيم القاضي بوجود لجنة من الأمم المتحدة في فلسطين.

لقد سمحت بريطانيا بحدوث التطهير العرقي الذي جرى تحت بصر وسمع جنودها وموظفيها خلال فترة الانتداب التي انتهت في منتصف ليل 14 أيار عام 1948 كما أنها أعاقت جهود الأمم المتحدة للتدخل بطريقة كان من الممكن أن تؤدي إلى إنقاذ كثيرين من الفلسطينيين. أما الأمم المتحدة فلا يمكن تبرئها من ذنب التخلي بعد 15 أيار عن الشعب الذي قسمت ارضه وسلمت أرواحه وأرزاقه إلى اليهود الذين كانوا منذ نهاية القرن التاسع عشر، يريدون اقتلاعه والحلول مكانه في البلد الذي كانوا يعتقدون أنه ملك لهم.


ماذا عن القوات العربية؟

إن حضور القوات العربية لم يكن كافياً قط لوقف التطهير العرقي الذي لم تعكر قصصه المرعبة صفو الرواية الإسرائيلية الرسمية والشعبية لأنها حذفت كلياً منها. فعمليات التطهير في النصف الثاني من أيار 1948 لم تختلف عما كانت عليه في النصف الأول منه أو من شهر نيسان الذي سبقه، فالطرد الجماعي والمجازر لم تتوقف بانتهاء الانتداب وإنما استمر بلا توقف.

كان لدى إسرائيل قوات كافية للتعامل مع الجيوش العربية وللاستمرار في عملية تطهير البلد في الوقت نفسه، بالمقابل لم يكن لدى القوات العربية ما يكفي من السلاح وخاصة كانت حديثة عهد بالاستقلال وأسلحتها قديمة اما الصهاينة فقد كان الاتحاد السوفياتي مثلاً يزودهم عند امتناع فرنسا وبريطانيا عن تزويدهم بالسلاح.

 أما الأردن مع قوة جيشه فقد كان له أجندة أخرى وهو الحصول على جزء من فلسطين ونصف القدس لتكبير مساحته. وهنا نذكر بتلفيق الصهاينة بأن الفلسطينيين هربوا طواعية في لحظة بدء الحرب استجابة لدعوة الزعماء العرب إلى إخلاء الطريق أمام الجيوش الغازية فلا أساس لهذا من الصحة، إذ أن 15 أيار لم يكن ذو أهمية خاصة لهم وكان مجرد يوم آخر في الرزنامة المرعبة للتطهير العرقي الذي كان قد بدأ قبل خمسة أشهر.

فالخطة دال والتي تعني التطهير العرقي بكل الوسائل كان قد بدأ قبل خمسة أشهر على الأقل من خروج دولة الاحتلال بريطانية.


المصدر: التطهير العرقي في فلسطين للإسرائيلي إيلان بابه

 

عن الكاتب

mkm

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

الإرشيف

Translate

جميع الحقوق محفوظة

الغوص في الذاكرة