تتمة البحث الذي كتبه الدكتور حسین إبراھیم قطریب:
عم الخراب والدمار معظم أنحاء سوریة، وحلت فیھا كارثة إنسانیة وصلت إلى مستویات مرعبة لم یسبق لھا مثیل في أي بلد في العالم. وتشیر التقدیرات إلى أن في كل دقیقة تمر على السوریین تترك عائلة سوریة منزلھا بسبب القصف العشوائي والتدمیر والقتل وحالة الرعب واغتصاب النساء، وصعوبة الحیاة بسبب تخریب البنیة التحیة للبلد.
غادر أكثر من نصف سكان سوریة منازلھم، وأصبحوا بین نازح في الداخل أو لاجئ في الخارج، وتم تسجیل حوالي 6.5 ملیون نازح في الداخل، وینقسم ھذا العدد إلى حوالي 4.5 ملیون نازح إلى مناطق تقع خارج سیطرة النظام، و ٢ملیون نازح إلى مناطق سیطرته.
أخذ النزوح بُعداً طائفیا ً سنیا ً، لأن المناطق العلویة بقیت شبھ آمنة خاصة في طرطوس واللاذقیة، ولأن أبناء السنة ھم من فجروا الثورة ضد النظام وتحملوا عبئھا الأكبر.
كانت محافظة حمص أولى المحافظات السوریة التي تعرضت لأحداث مروعة أصابت بنیتھا التحتیة والعمرانیة بالخراب، فصار أغلب سكانھا بین شھید ونازح ولاجئ، النازحون حوالي/ 1.21 / ملیون نسمة، أو ما یعادل %62 من مجموع سكانھا.
أصبحت أحیاء مدینة حمص السنیة خالیة من السكان بسبب القصف العشوائي والتدمیر الوحشي والتھجیر القسري. ومنع النظام سكانھا من العودة إلیھا بعد توقیع الھدنة وخروج المقاتلین منھا في عام 2014 م، وحلت محلھم عوائل شیعیة وعلویة.
قام النظام بحرق السجل العقاري الخاص بسندات الملكیة مع سجلات المساحة للعقارات في حمص.
استولت إیران على مسجد أبناء جعفر الطیار في مدینة حمص بعد خروج الثوار منھا في عام 2014 م ، وأعادت بناءه على نمط المراقد الشیعیة.
احتل حزب الله اللبناني مدینة القصیر وجمیع القرى المحیطة بھا، وأفرغھا من سكانھا، وأحل محلھم عوائل شیعیة من لبنان ومن میلیشیا لواء الرضى الشیعي في حمص. قام النظام بتھجیر سكان العدید من قرى محافظة حماه مثل العشارنة وقبر فضة والرملة، وأحل محلھم السكان العلویین الذین فروا من قریة اشتبرق.
قام حزب الله اللبناني الشیعي بإنذار أھل مدینة مضایا بضرورة إخلاء مساكنھم ومغادرتھا. قصفت روسیا والنظام جبلي التركمان والأكراد في محافظة اللاذقیة، فنزح أكثر من % 90 من سكانھما، مما اضطر رئیس الوزراء التركي السابق أحمد داود أغلو لاتھام روسیا والنظام بممارسة التطھیر العرقي في ریف اللاذقیة.
عمل النظام وحزب الله على احتلال منطقة القلمون وتفریغھا من سكانھا من أجل تحقیق التواصل الجغرافي الطائفي بین شیعة لبنان وعلویة سوریة.
تعثرت المفاوضات بشأن الزبداني بین إیران وحركة أحرار الشام الاسلامیة أكثر من مرة بسبب اصرار الطرف الایراني على مبادلة سكان الزبداني ومضایا وسرغایا وبقین بسكان الفوعة وكفریا. فرض النظام وحزب اللھ حصارا ً مطبقا ً على داریا استمر أكثر من ثلاث سنوات، وعدد سكانھا یزید عن 250 ألف نسمة، وتعرضت داریا خلال الحصار إلى القصف العشوائي بحوالي 8 آلاف برمیل متفجر، و 8 ھجمات بالأسلحة الكیماویة، و 3 ھجمات بالقنابل العنقودیة، وفي 25 \8 2016 م فرض النظام وحلفاؤه على سكانھا اتفاقا ً یقضي بتھجیر ما تبقى منھم، بعد عملیات نزوح مستمرة، واستشھاد أكثر من 800 شخص من سكانھا، واختفاء أكثر من 4 آلاف بالاعتقالات.
استراتیجیة الحصار:
١- یرفع النظام في مداخل المناطق المحاصرة عبارة " الجوع أو الركوع ".
٢- یبدأ الحصار بإغلاق جمیع منافذ الأحیاء والمناطق التي یخطط النظام لحصارھا إلا واحدا ً منھا یسمح للسكان بالمغادرة منھ وللموظفین غیر المطلوبین بالخروج والعودة.
٣- یمنع النظام وحلفاؤه دخول المواد الغذائیة والطبیة وحلیب الأطفال.
٤ - یقصف المناطق المحاصرة عشوائیا بقذائف الھاون والبرامیل المتفجرة.
٥- یقطع الكھرباء والماء، ویبث الاشاعات بقرب اقتحامھ للمنطقة المحاصرة في محاولة لبث الخوف والرعب في نفوس السكان المدنیین وتحفیزھم نحو النزوح وترك منازلھم.
٦- م یغلق النظام وحلفاؤه في مرحلة لاحقة كافة المنافذ، ویصعد القصف الوحشي على المناطق المحاصرة بكافة الأسلحة تمھیداً لإبرام اتفاقیة الاستسلام والخروج، كما حدث مع سكان مدینة داریا وغیرھم.
استراتيجية الهدن:
كان النظام يبرم الهدن والاتفاقات مع السكان المناطق المحاصرة في حمص ودمشق وريف دمشق على مستوى الأحياء والمناطق وكانت تؤدي إلى:
خروج السكان المدنیین وھروبھم من جحیم القصف العشوائي وهذا هو الهدف.
خروج بعض المقاتلین الثوار أو جمیعھم وترك الأعمال القتالیة.
تتفرغ قوات النظام في ھذه المناطق لتتوجھ للقتال في مناطق أخرى.
یمنح النظام الجنسیة السوریة للشیعة المرتزقة الذین یقاتلون إلى جانبھ بالتنسیق مع إیران ضمن مخطط استراتیجي یھدف إلى التغییر الدیمغرافي في بلاد الشام ویعطي أولویة لدمشق ومحیطھا ولمحافظة حمص، كما قال بشار: "سوریة لمن یدافع عنھا ولیست لمن یحمل جواز سفرھا".
تقوم إیران بشراء المساكن والمحلات التجاریة بدفع مبالغ تساوي أضعاف قیمتھا، وفي حال الرفض یتم اللجوء إلى الأسالیب الترھیبیة كحادثة حرق سوق العصرونیة في دمشق بعد رفض أصحاب المحلات التجاریة بیع محلاتھم.
بلغ عدد اللاجئین السوریین المسجلین لدى المفوضیة الأممیة لشؤون اللاجئین حوالي 4.2 ملیون لا جيء في دول الجوار، وھذا الرقم ھو أقل من العدد الحقیقي، لأن أعدادا ً كبیرة من اللاجئین لم یتح لھم التسجیل لدى المفوضیة، وأعدادا ً أخرى لا یرغبون بالتسجیل لدى المفوضیة، ویعیشون خارج مخیمات اللجوء في دول الجوار وغیرھا، ویقدر العدد الحقیقي للاجئین السوریین بأكثر من 5.2 مليون لاجئ.
ملاحظة: الأرقام كتبت في تاريخ سابق ولذلك الأرقام الحقيقة الآن أكبر من هذه بالتأكيد.
وبالعودة إلى المقارنة بين ما فعله الكيان الصهيوني في فلسطين وما فعله النظام الطائفي في سوريا لوجدنا أنها نفس المدرسة الذي تخرج منها الكيانان فهو كيان طائفي بلا منازع كما يسعى الكيان الصهيوني لجعل دولته يهودية خالصة عمل نظام عائلة الأسد كمافيا في سورية ثم سعى إلى تنفيذ التطهير العرقي في سورية من خلال الحرب التي رد فيها على مطالب السوريين بقليل من الحرية والكرامة،