الغوص في الذاكرة

أدبية ، ثقافية، علمية، ملخصات كتب وروايات، أفضل ما قرأت من الكتب والروايات.

recent

آخر الأخبار

recent
جاري التحميل ...

الحب السائل 2

 تكملة لموضوعات كتاب الحب السائل

اللاجئون:

كشفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة أنه يوجد ما بين 13 إلى 18 مليون ضحية للنزوح والتشريد الإجباري يصارعون من أجل البقاء فيما وراء حدود أوطانهم وهذا الرقم لا يشمل ملايين اللاجئين في الداخل في بورندي وسيرلانكا وكولومبيا وأنجولا والسودان وأفغانستان الذين كتب عليهم التشريد ( وهذا قبل العام الذي نشر فيه هذا الكتاب الحب )، ومن هؤلاء اللاجئين يوجد أكثر من ستة ملايين في آسيا وسبعة إلى ثمانية ملايين في أفريقا، وهذا تقرير متواضع بالطبع فليس كل اللاجئين معترف بهم كلاجئين، كل ما في الأمر أن كثيراً من النازحين والمشردين كانوا محظوظين حتى أنهم وجدوا أنفسهم مسجلين لدى المفوضية العليا وتحت رعايتها.


اللاجئون

اللاجئون غير مرحب بهم:

فأينما ذهب اللاجئون لا يرحب بهم، حتى أنهم يدركون تماماً أنهم غير مرحب بهم. فالمهاجرون الاقتصاديون هم أناس يتبعون قواعد الاختيار العقلاني ومن ثم يحاولون العثور على لقمة العيش حيث كانت، لا أن يبقوا في مكان لا توجد فيه لقمة العيش. وهؤلاء المهاجرون تدينهم الحكومات نفسها التي تبذل اقصى ما بوسعها لجعل مرونة العمل الميزة الكبرى لناخبيها، وتحث عاطليها من أهل البلاد على الهجرة، ولكن الشك في الدوافع الاقتصادية ينصب أيضاً على الوافدين الجدد الذين كان ينظر إليهم على أنهم أناس يمارسون حقوقهم الإنسانية في البحث عن ملاذ من التمييز والاضطهاد. فمن خلال الاستدعاء المتكرر للمعاني المرتبطة بمصطلح طالبي اللجوء صار المصطلح بمثابة السبّة. وهكذا فإن كثيراً من وقت الساسة في الاتحاد الأوروبي وطاقتهم الذهنية يستغرق في تصميم طرق أحدث وأشد تعقيداً لإغلاق الحدود وتحصينها، وفي استحداث أفضل وسائل التخلص من الساعين وراء لقمة العيش والمأوى بعد ما تمكنوا من عبور الحدود على الرغم من كل الصعاب.


اقتراحات وزير بريطاني:

فهاهو ديفيد بلانكت وزير الداخلية البريطاني ( السابق ) يحرص على تفوقه على الجميع فيقترح ابتزاز بلدان المهاجرين حتى تسترجع طالبي اللجوء غير المؤهلين وذلك بقطع المساعدة المالية عن البلدان التي لا تفعل ذلك. كان بلانكت يطمح من ورائها إلى دفع سرعة التغيير شاكياً انعدام النشاط والحيوية بين قادة أوربيين آخرين وما ترتب على ذلك من بطء شديد في التقدم. إنه يريد مواجهة قضية الهجرة غير الشرعية عبر البحار وقضية الاتجار بالبشر.


وصف طالبي اللجوء:

فمع التعاون النشط للحكومات وغيرها من الشخصيات العامة التي تجد في تأجيج الأحقاد السائدة البديل الوحيد لمواجهة المصادر الحقيقية للقلق الوجودي الذي يطارد ناخبيهم، حل طالبو اللجوء محل الساحرات الشريرات وأشباح الشرار العصاة وغيرهم من أشباح الجن والعفاريت في المدينة. فالحكايات الشعبية الحضرية الجديدة تنتشر سريعاً وفيها يؤدي ضحايا هذا الكوكب دور الأشرار، وهذه الحكايات تجمع وتعيد تدوير المعرفة الخاصة بقصص الرعب التي تشيب الرأس، وقد ولد تلك القصص التي حظيت بإقبال كبير في الماضي انعدام الأمن والأمان في حياة المدينة كما هو الحال الآن.


وسائل مستخدمة ضد اللاجئين:

وأما المهاجرون الذين لا يمكن ترحيلهم بسرعة، على الرغم من كل الوسائل والحيل البارعة، فإن الحكومة تقيد حركتهم في مخيمات نائية ومنعزلة، وهي خطوة تتحول إلى نبوءة تحقق بنفسها الاعتقاد بأن المهاجرين لا يريدون الاندماج، ولا يمكنهم الاندماج في الحياة الاقتصادية للبلاد، وهما يلاحظ غاري يانغ أن الحكومة تشيد بكفاءة حول الريف البريطاني مخيمات منعزلة على شاكلة مناطق البانتوستان الذي شيدته في جنوب أفريقيا، فتتقيد حركة اللاجئين ويعيشون في انعزال، وفي عرضة للخطر.

ومن ثم فإن طالبي اللجوء كما يوضح غاري من الأرجح أن يكونوا ضحايا الجريمة لا مرتكبيها. فإذا نظرنا إلى اللاجئين المسجلين في المفوضية العليا للاجئين، سنجد أن أكثر من ثمانين بالمئة من اللاجئين المسجلين في أفريقيا يعيشون في مخيمات، وأن أكثر من خمسة وتسعين بالمئة من اللاجئين المسجلين في آسيا يعيشون في مخيمات، وأما في أوروبا فلا يوجد سوى 14.3 في المئة من اللاجئين المنعزلين في المخيمات. ولكن لا يوجد بصيص أمل إلى الآن بأن الفارق لمصلحة أوربا سيستمر طويلاً.


سبب عدم عودتهم إلى بلدانهم:

مخيمات اللاجئين أو طالبي اللجوء هي حيل ووسائل مؤقتة تصير دائمة بإغلاق مخارجها. إن من يسكنون مخيمات اللاجئين أو طالبي اللجوء لا يمكن أن يعودوا من حيث أتو، فالبلدان التي تركوها لا تريدهم أن يعودوا، فقد ضاعت مصادر رزقهم وتهدمت بيوتهم أو دمرت أو سرقت. فلا أمل لهم في العودة ولا طريق إلى الأمام، فما من حكومة ترحب بتدفق ملايين النازحين والمشردين وستبذل جميع الحكومات كل ما بوسعها لمنع الوافدين الجدد من الاستقرار.

فاللاجئون في المكان وليسوا منه في ضوء موقعهم الجديد المؤقت دائماً، فهم لا ينتمون حقاً إلى البلد الذي شيدت على أرضه الحدودية مساكنهم المتنقلة أو نصبت عليها خيمهم، كما يفصلهم عن أهل البلد المضيف حجاب خفي منيع من الشك والكراهية، فهم معلقون في فراغ مكاني توقف فيه الزمن، فلا هم مستقرون، ولا هم متنقلون، ولا هم من أهل القعود، ولا هم من أهل الترحال.


شيطنتهم:

إنهم ليسوا مجرد منبوذين بل إنهم خارج طوق الفكر، وخارج طوق الخيال. ففي الأرض التي نصبت فيها الخيام المؤقتة والدائمة، يظل اللاجئون بكل وضوح دخلاء ويمثلون تهديداً للأمن الذي يستمده أهل البلد من نظامهم اليومي الراسخ، فالقوى التي تسيطر على الموقع الذي نصبت فيه الخيام أو شيدت عليه الثكنات وعلى الأرض المحيطة بالمخيم تفعل ما بوسعها لمنع السكان من التسرب إلى الخارج، ومن الانتشار في الأرض الحدودية المجاورة. فالدخلاء مذنبون حتى تثبت براءتهم، ولكن ما دام أهل البلد هم من يجمعون بين أدوار الدفاع والقضاة والمستشارين ووكلاء النيابة فيحددون الحكم ويملكون الحقيقة، فإن فرصة البراءة ضئيلة إن لم تكن منعدمة. وكلما زاد شعور أهل البلد بالخطر زادت احتمالية اندفاع معتقداتهم تجاه الوهم والتشدد، إنهم يجدون كل مبرر للشعور بالخطر أمام تدفق اللاجئين، فهم من يعكر صفو الانسجام الذي يتسم به نظامهم اليومي الآمن المألوف فهم نذير شؤم كما يرون.


خلاصة القسم الثاني:

لا يطرح الكتاب موضوع اللاجئين إلا من وجهة نظر الحب السائل وكره الآخر الدخيل، ويطرح الموضوع من وجهة نظر فلسفية، فلا تطرق للأسباب التي أدت إلى ظهور الدخلاء واللاجئين فهو ليس هدف الكتاب وبالتالي يقرر أن العالم لا يرحب بحب الإنسانية عندما يصنعه البشر ولا يصبح مرحباً بحب الإنسانية عندما يعج بصوت البشر ولكن عندما يصبح العالم موضوع الخطاب...

عن الكاتب

mkm

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

الإرشيف

Translate

جميع الحقوق محفوظة

الغوص في الذاكرة