إنّ كثيراً من الجبابرة والطغاة كانوا يحبون قراءة كتاب " الأمير " لـ "ميكافيللي "، فقد قيل أن "موسيليني " قد اختاره موضوعاً لرسالة الدكتوراه أيام دراسته ، وكان" هتلر " يضع هذا الكتاب على مقربة من سريره ، فيقرأ منه كل ليلة قبل أن ينام . وذكر " ماكس ليرنو "في مقدمته لكتاب " أحاديث " أن لينين و ستالين " قد تتلمذا أيضاً على "ميكافيللي".
الأمير:
يعتبر أول كتاب في علم السياسة الحديث، وقد وضع الأسس التي تمكن الحاكم من اختيار قادته ومستشاريه ونوابه ، ويوجه الحاكم إلى أهمية البطش بمعارضيه و القضاء عليهم . ومع أن الكتاب يشير إلى جزء من تاريخ إيطاليا و تاريخ العالم حيث طبع حوالي العام 1532 م فإن أفكاره قد انتقلت إلى الثقافات الأخرى ومنها ثقافتنا العربية وطبقها الكثير من الحكام في البطش بالضعفاء المسالمين، والاستيلاء على ممتلكات الآخرين، والقيام بحروب عدوانية، وإبادة جماعية لبعض الطوائف، وقتل بعض المقربين والتضحية بهم عند الضرورة، وسياسة فرق تسد ضمن المجتمع الواحد، وضمن الجماعات العشائرية والدينية، واستغلال الدين، وتخريب المدن لإحكام السيطرة، واستدعاء المرتزقة واستخدامهم وتوطينهم ...يعني الغاية تبرر الوسيلة حتى لو كانت قبيحة وإجرامية ..
من هو نيكولو ميكافيلي؟
هو مفكر وفيلسوف وسياسي إيطالي، ولد في فلورنسا عام 1469
ميلادي وتوفي فيها العام 1527 م. أبوه برناردو محام ينحدر من أسرة توسكانية من
النبلاء. تعلم بداية عند احد رجال الدين والسياسة الإيطاليين الذين ينتمون إلى نظام الرهبان الدومينيكان الملقب بخادم الرب. ثم تخلى عنه كونه لا يتوافق
مع أفكاره والتي أساسها فصل الدين عن الدولة فهو رجل سياسي وعمل فيها.
زمنه وحياته:
عاصر ميكيافيلي في شبابه ازدهار فلورنسا التي تحررت وأصبحت تحت حكم جمهورية، واختير عام 1498م سكرتيرًا للمستشارية الثانية لجمهورية فلورنسا التي تشرف على الشؤون الخارجية والعسكرية. واستمرت لعام 1512حيث استرجع آل ميديشي مقاليد السلطة والتي لم تكن أسرة مكيافيللي موالية لها، واتهم ميكافيللى بالتآمر ضدها فسجن ، و نزل قرار بإعدامه عام 1513 إلا أنه نجا بأعجوبة من تلك العقوبة، لكن البابا ليو العاشر أفرج عنه، فاختار حياة العزلة في الريف حيث ألَّف العديد من الكتب أهمها كتاب (الأمير)، وقد أسس في هذا الكتاب منهجاً جديدا في السياسة تتجاوز القيم الدينية.
منع كتابه:
لم يتم نشر كتاب الأمير إلا بعد وفاة مكيافيلي بخمس سنوات، وقد هاجمه الكاردينال بولس وحرم الاطلاع عليه وحرم نشر أفكاره، وأنتقد غانتيه في مؤلفٍ ضخم أفكار مكيافيلي، ووضعت روما كتابه عام 1559 ضمن الكتب الممنوعة وأحرقت كل نسخة منه.
فمكيافيلي القائل «الغاية تبرر الوسيلة» برر القسوة والوحشية في صراع الحكام على السلطة واعتبر أنه من المسموح به استخدام كل الوسائل في الصراع السياسي، وكانت مطالبه بخلق دولة وطنية حرة من الصراعات الإقطاعية القاتلة، وقادرة على قمع الاضطرابات الشعبية.
من أفكاره المكتوبة أيضاً:
- ( إن الدين ضروري للحكومة، ليس لخدمة
الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس. كان المواطن الروماني يخشى حنث
اليمين أكثر من القوانين، لأنه يهاب أولئك الذين يمثلون سلطات الرب أكثر من الرجال).
-
(هل من الأفضل أن تكون
مهابًا أم محبوبًا؟
الإجابة هي من الجيد أن تكون مهابًا
ومحبوبًا ولكن من الصعب تحقيق ذلك، والأضمن أن تكون مهابًا على أن تكون محبوبًا،
إذا لم تستطع أن تكون كليهما.
الرجال بشكل عام جاحدون، طليقوا اللسان،
جشعون ويحرصون على تجنب المخاطر. طالما أنهم مستفيدون منك، فأنت تملكهم بشكل كامل،
يعرضون عليك دمائهم وسلعهم وأطفالهم عندما تكون المخاطر بعيدة. ولكنهم يتمردون
عندما يقترب الخطر والأمير الذي يعتمد على كلماتهم دون الاستعداد لإجراءات أخرى،
سيزول لأنه اشترى صداقتهم ولم ينلها بنبله وعظمة روحه.)
من طبق
أفكار ميكافيللي من الحكام العرب؟
معظمهم
طبق مبادئ مكافيلي وتخلصوا من منافسيهم بل
تخلصوا ممن أوصلهم إلى الحكم فمنهم من استخدم السجون المؤبدة أو القتل أو كليهما
ومنهم حافظ أسد عندما انقلب على رفاقه البعثيين وسجن وقتل ثم عندما اقتربت وفاته
تخلص من ثلة من العسكريين الذين ذاع سيطهم من ابناء جلدته حتى يفسح الطريق لابنه
بشار وكذلك استخدم بشار نفس الاسلوب بالتخلص من بعض الضباط بالقتل والتغييب وقد
عمل بالمبادئ ذاتها في زمننا الحالي قيس سعيد في تونس والسيسي في مصر ومحمد بن
سلمان في السعودية ..والقائمة تطول.