صدر
الكتاب الثاني (قيد الحواس) بالصيغة الالكترونية للكاتبة سهير المصطفى عن دار(
اسرد ) بعد كتاب (حقيبة سفر) عن دار ( ايلا )، وقد تم نشر الكتابين بعد إصدار
روايتها الورقية الأولى ( رأفة بي ) عن دار ( ببلومانيا ).
قيد الحواس
شذرات من عمق الروح كما تصف الكاتبة كلمات كتابها في المقدمة فتقول:
شذرات من عمق الروح غصت بها الذاكرة ، فخرجت ترقص على رؤوس الأقلام منتشية على الورق كنصوص نثرية وخواطر تخاطب النفس البشرية..
أكثر قيد للحواس في الحب هو الغياب، تخضع له أساريرنا دونما إفلات من قبضته المحكمة على مشاعرنا، فيأتي الانتظار مرهقًا للجسد والنفس، فتختلط الكلمات بين عتاب ولوم، اشتياق واحتراق، استياء من تصرفات الحبيب وغيابه اللامبرر وتركه معلقًا بحبل الانتظار الممزق، ما يلبث أن يسقط في هاوية اللاشعور حينما يزيد الحب عن حده ويقابل بالخذلان.
الندم يأتي مختالًا في بعض النصوص يحكي عما تخبئه سريرة المحب حينما يجد أنه قد بذل الكثير من المشاعر وسكبها في إناء مثقوب فضاعت دون جدوى، تغزو التساؤلات تفكيره وتخيم على ذهنه الحيرة ليرى نفسه يسير في سرداب العلاقة المظلم الذي لا نهاية له، ولا بصيص أمل يعيد إليه روحه التي زهقت في حرب ضارية بين البقاء والرحيل..
الذكريات تقفز هنا وهناك، والنسيان خدعة، يخدر بها المرء صداع الذاكرة..
يأتي البوح غزيرًا في نصوص تتفاوت في غناها بالكلمات، ومنه ما يأتي مقتضبًا خجولًا على هيئة كلمات مختصرة تصطف بعشوائية وبقافية غنائية لتعبر عن قليلٍ مما يجول به قلب المحب الذي أضناه الفراق والانتظار.
وهذا جزء من أحد النصوص:
أكتبك لأنسى
ها أنا الآن يا سيدي أسير في طريق النسيان، لأني بدأت أكتبك لينضب حبك من بئر قلبي..
بعد فراقك، دخلتُ في غيبوبة اللاوجود بلا مشاعر ولا حراك أمام الرصاصة التي أطلقتها عليّ قبل رحيلك..
أتذكر حينما أخبرتك أن اسمك سيبقى ملتصقًا بي ما حييت؟ وأن حبك سيخلد في حنايا قلبي أبد الدهر؟ وأني غرستك تحت جلدي كوشمٍ لا يزول؟.
حينها انتظرتُ أن تؤكد لي هذه النظرية التي لم يؤمن بها أحد سواي، و لم تكن عندك سوى هذيان امرأة مجنونة..
جاءني ردك بكلمتين ثالثهما أحبك،
كيف لي أن أكون إنسانة رائعة بنظرك يا ترى؟ لم تخبرني لمَ؟، ولم أسألك أنا، لأني اكتفيت كعادتي بابتسامة خجولة وبالإنصات إلى قرع طبول قلبي المحتفلة.
الآن أتذكر تلك اللحظات الرومانسية اللامنطقية التي تسير في مدارات عشقك الوهمية، فلم يكن هذياني سوى إبحار في فضاء ربعك الخالي مني، وإني لم أكن إلا مصابة بحمى الحب المتوسط القائم بين أولوياتك و وجودي، لذا كنت أسقط صريعة الألم كل ليلة وسكاكين لامبالاتك تنهش أحشائي.
أتلوى حتى يأذن لي الصباح أن أتنفس، فأهرع بلهفة امرأة متسولة -لقطعة نقود ملقاة على الطريق- إلى نافذتي الافتراضية، علّي أرى طيفك أو أن ألتقط بقايا ذرات عطرك التي غدرت بك والتصقت بالمكان لتقول لي صباح الخير أيتها المرأة الحمقاء.
نعم حمقاء، حينما اتبعتُ ظلك كأعمى يسير وراء عكازه معتمدًا عليها دون حدسه، هل سألت نفسك يومًا ماذا يرى الأعمى؟
ستقول لي لا يرى سوى الظلام، وأنتِ مثله تسيرين في ظلام حبي دون اتجاه، لا يا عزيزي الأعمى لا يرى شيئًا أبدًا وأنا أكثر شبهًا به، كنتُ عمياء لدرجة أني لم أعتمد على حدسي الذي كان يخبرني بوجود الحفر والأشواك والزجاج المفروش في طريقي إليك، أتجاهل الألم، وأغض الطرف عن نزف أقدام قلبي العارية..
حتى سقطت في الهاوية..
شكراً جزيلاً الله يحفظك يارب 🥰🥰
ردحذفواجبنا هلا وغلا
حذف