قصة قصيرة:
كان الخبر كضربة على رأسها، حاولت طوال أسبوع كامل أن تثنيه عن الزواج للمرة الثانية، تذكّره بالسنوات الست التي أمضياها معاً دون أن تعصي له أمراً، وبجمالها الذي لم يخبو بريقه بعد، وماذا يمكن أن يحل بأطفالهما الثلاثة.
وبعد أن أعيتها الوسيلة في منع زواجه لجأت إلى خطة وصفتها بالجهنمية، والتي ستكون فألاً سيئاً لهذا الزواج، فإن لم تكن كذلك، فيكفي أن تنغص عليه فرحته في يوم خطبته.
في يوم الخطبة أودعت ابنتها الصغيرة ذات العامين
عند جارتها، وأوصتها بألّا تظهرها مهما حصل، حتى تأتي هي بنفسها وتأخذها، ثم أشاعت
خبر ضياعها. وكي تتقن فعلتها بكت بمرارة من يفقد الولد، ولطمت على وجهها كأحسن
ممثلة بارعة، وتبعثر الأقرباء والجيران يبحثون في كل الأزقة والطرقات، وانبرى
زوجها يندب حظّه في هذا اليوم، وقد أخبر الشرطة ليقوموا بواجبهم بالبحث عن الطفلة
المسكينة الضائعة.
أذاع إمام
الجامع بمكبرات الصوت أن طفلة عمرها سنتان ضاعت قبيل الظهيرة، وهي تلبس ثوباً
أحمراً، وشعرها قصير يصل إلى أذنيها، فعلى من يجدها أن يأتي بها إلى الجامع. تفاعل
الناس مع الحدث الغريب الذي لم يحصل من قبل في هذه البلدة الوادعة، ورقّت قلوبهم
لحالها وحال أهلها فسعوا في البحث عنها أيضاً.
قبل ساعتين من حلول المساء رأت المرأة الجارة
بأنّ الوضع قد خرج عن السيطرة، وقد يُوجّه لها الاتهام بخطفها، فسارعت بأخذ الطفلة
إلى الجامع، وكلما مرت بأحد من الناس أخبرته بأن الطفلة ليست ضائعة ولكن أمها هي
من وضعتها عندها، وأنها لا تعرف السبب. كان الناس يتفاجؤون ويعبرون عن سخطهم بوصف
أمها بالجنون.
نادى الإمام بالناس أن يكفّوا عن البحث، فالطفلة أمست في الجامع. حضر الوالدان واجتمع كثير من الناس، وحضنت المرأة ابنتها وهي مازالت تشهق من الحزن والفرح بلقاء ابنتها. سألها الإمام أمام الجميع: «أخبريني لماذا وضعت ابنتك عند جارتك وادعيت ضياعها؟»
صُدِم زوج المرأة بسؤال الإمام وصرخ
«ماذا؟» نظرت المرأة بانكسار
وحارت في الجواب، فسارع الزوج وقال بصوت عال موجهاً كلامه إلى زوجته وقد أشهد
الجميع «أنت طالق بالثلاثة» وتوجه بدعوة الإمام إلى خطبته هذه الليلة.
كيد النساء
ردحذف