عن المسبحة واختراعها القديم
السبحة أو المسبحة في بعض اللهجات، واختراعها قديم من قبل الإسلام، ولها مهام كثيرة، ومنها ضبط عدد التسبيحات عند المسلمين من الذين يستخدمونها بدلًا من العد على أصابعهم، كما ورد في السنة الشريفة.
مهام المسبحة:
ومن المهام الأخرى التي تناط بالمسبحة التوازن لمن يحملها، وأعني التوازن النفسي، ولا غرابة في هذا، فكثير من الناس له طريقته في التوازن وخاصة عندما يكون في مواجهة مع الآخرين، أي مقابلتهم والجلوس والحديث معهم، وليس مواجهتهم كخصوم، كحمل مجموعة من المفاتيح والعبث بها أثناء الحديث أو كتدخين سيجارة إثر أخرى دون فاصل زمني وهكذا.
المقصود بالمسبحة:
وعن المسبحة فهي لم تعد مقصورة على التسبيح، وإن بقي لها هذا الاسم المشتق الدال على أنها آلة ضبط عدد التسبيحات، والذي بات فيه ظلم لحاملها، كونه يغني وأصابعه تعد فيها كالروبوت، نعم لقد رأيت شخصًا في أحد البرامج يغني وبيده سبحة يعد فيها. برم رأسي في البداية، لكني تذكرت أحد الأصدقاء عندما خرجنا من بيته ومشينا قليلًا، اعتذر وقال سأعود حالًا، لقد نسيت شيئًا.
عاد صديقي وبيده مسبحة وقال: إني لا أستطيع السير بدون أن أمسك شيئًا في يدي، فهي تشعرني بالتوازن وعدم القلق وإلا فإن شيئًا ينقصني. بالضبط هذا ما ينقص الشخص المغني، فقد استخدم المسبحة للتوازن والإحساس بالثقة، لذلك التمست له العذر.
فأم كلثوم كانت تغني وبيدها منديل، وأخرون لا يلبثوا أن يمسكوا الميكرفون بيدهم بعد خلعه من عصا الحامل أمامهم، أو يتمسكون بعصى الحامل فقط، أو يرقصون ويلوحون بأيديهم وكل الأفعال تلك للتوازن.
فتاوى تخص المسبحة:
ولم يدم رأسي على حاله طويلًا، فقد برم مرة أخرى عندما قرأت فتاوى تخص المسبحة، فمنهم مَن قال إنها بدعة ولا تجوز، ومنهم من توسع في الحديث عنها وعن مستخدميها، ولم تعد المسبحة عادية إلى درجة أن منها من غلا ثمنها كثيرًا لتضمنها على أحجار نفيسة، ومنها من كثر عدد حباتها حتى أصبحت ألف حبة فباتت تلف على الرقبة وتتدلى إلى الحضن، ولسان حاملها يقول انظروا فإني لا أسبح الله أقل من ألف تسبيحة، أي أنه يرائي الناس على رأي الشيخ المفتي.
ولفتني أن بعض النساء كن يلبسن عقدًا في رقابهن قبل أن يستبدلنه بسلاسل الذهب، وكانت خرزات العقد ملونة وجميلة، وقد تختلف بالحجم في العقد الواحد ولكنها من نفس مادة المسبحة، إلا أن مخترع المسبحة أضاف لها حبتين مختلفتين لتنقسم إلى ثلاثة أجزاء متساوية بالإضافة إلى حبة طويلة تشبه المئذنة.
ولا تزال بعض الشعوب تحافظ على تقاليدها بالتزين بالعقود المنوعة ذات الخرز المصنوع من البلاستيك أو الخشب أو الزجاج والمواد الأخرى الغالية أو الرخيصة، وهذا ما جعل المسبحة تحيد عن عملها لعد التسبيحات، أو هي لم تكن كذلك أصلًا وكانت عقدًا، إلى أن جاء مَن أراد منها أن تكون أداة للعد عندما وجد نفسه يشرد في عد التسبيحات التالية للصلوات المفروضة، فطورها إلى أن أخذت هذا الشكل المعروف.
الذاكرون الله كثيراً:
ولكن الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات لم يتوقفوا عند هذا، فأضافوا ما أضافوا حتى وصل عددها إلى الألف خرزة، وللناس فيما يعشقون ويتوازنون مذاهب، وهذا ما جعلني أغير اسم المسبحة إلى خرزات العد والتوازن، فإن شاؤوا عدوا بها وإن شاؤوا توازنوا، فلا تحاكموا حامليها، ولا تؤلفوا الكتب وتصنفوا الفتاوي فيها، فهي لا تتعلق بدين ولا بمذهب.